مراقبون تونسيون من تكرار حادثة انفجار مرفأ بيروت في أحد الموانئ داخل البلاد، نتيجة الفوضى والإهمال الكبير الذي تعاني منه هذه الموانئ.
وكتب الباحث والمحلل السياسي د. طارق الكحلاوي: “سبب الانفجار الرهيب في ميناء بيروت 2700 طن من مادة الأمونيوم شديدة الاشتعال وعالية الانفجار متروكة هكذا في مستودع منذ 4 سنوات. يذكرنا ذلك بحالة الإهمال والسلع المتروكة في ميناء رادس. الموانئ العربية مجال زاخر بالفساد وإهدار المال العام والبيروقراطية التي تقتل القيمة المضافة وتقوي المخاطر. في حين أن الموانئ في الأصل رافعة للتنمية ومجال تراكم الثروة. أليس أعظم مشروع تجاري في العالم الآن هو شبكة الموانئ البحرية الصينية في “طريق الحرير” الجديد؟ كل التضامن مع الشعب اللبناني في مواجهة تحد آخر بعد إفلاس البنوك وانهيار العملة اللبنانية”.
وخاطب ناشط يُدعى كمال أبو آلاء الكحلاوي، بقوله: “يبدو أنك ذهبت بعيداً. صحيح أن هناك فساداً كبيراً في ميناء رادس، لكنه لا يحوي مواد كيميائية مخزّنة. كما أن المناصب الأمنية في لبنان مقسمة بين الطوائف. فحزب الله –مثلاً- يعتبر أمن مطار بيروت جزءاً من أمنه وربما كذلك مرفأ بيروت. ويبقي ميناء رادس بؤرة فساد مقسّمة بين نقابة فاسدة وأمن وديوانة (جمارك).
وأوضح الكحلاوي بقوله: “لم أقل إن في رادس مواد كيمياوية، لكن فيه ذات البيروقراطية والإهمال، الموجودة في ميناء بيروت”.
وكتب المحلل السياسي عبد اللطيف دربالة: “بعد الانفجار المروّع بميناء بيروت في لبنان، ما هي أحوال الموانئ التونسيّة؟ كيف هو الوضع في ميناء رادس؟ ما هي أحوال البضائع والمواد التي هي في الانتظار، والمخزّنة والمحجوزة؟ ما هي أحوال كلّ مواطن ومخازن ومصانع وفضاءات خزن أو تصنيع أو نقل المواد الخطيرة في كامل البلاد؟”.
وأضاف: “هل بدأت منذ صباح اليوم في تونس -بمبادرات فرديّة وذاتيّة، وبتوجيه من السلطات المركزيّة والجهويّة- عمليّات تثبّت وتفقّد ومراجعة وتدقيق وحماية لكلّ المواد التي يمكن أن تكون خطيرة وقابلة للاشتعال أو للانفجار؟ هل حفظنا الدرس المؤلم؟ هل أدركنا النتائج التي يمكن أن تكون كارثيّة لمخاطر اللاّمبالاة والإهمال والأخطاء؟ هل عرفنا ماذا يمكن أن تعنيه أحياناً نتائج البيروقراطيّة الإداريّة السخيفة والمفجعة، عندما تمتزج مع مخاطر طبيعيّة أو مخاطر أمنيّة؟
وكتب الناشط وسام فلاح: “انفجر منذ حوالي 19 سنة مصنع للأسمدة الكيميائية في مدينة تولوز الفرنسية وخلّف أكثر من 30 ضحية، وها هي اليوم بيروت الجميلة تكتوي بنفس النار. نفس صور الانفجار ونفس المواد المنفجرة. نعم، هي لعنة الفوسفات، لمن يعتبر. لا شك أن انفجار المرفأ البحري ناتج عن مادة نيترات الأمونيوم المستخرجة من الفوسفات. هذه المادة هي الركيزة الأساسية لصناعة المتفجرات اليدوية، لذلك كان النظام البائد يفرض مراقبة شديدة لتسويق هذه المادة الخطرة وهذه من الأسباب التي مكنته من النجاح أمنياً في الحد من التفجيرات الإرهابية زمن حكمه لتونس. ويخضع تخزين نيترات الأمونيوم إلى العديد من شروط السلامة والتي في غيابها تصبح هذه المادة قنبلة موقوتة تهدد باستمرار حاضنيها، كما وقع اليوم في بيروت”.
وأضاف: “انفجار تولوز يدرس للتقنيين الجدد المنتدبين بالمستوطنات الكيميائية، وفي لبنان هناك مصنع آخر لتحويل الفوسفات السوري ما زالت كارثة انفجاره مجهولة. أما في قابس فهناك خرابة لتحويل الفوسفات بكميات هائلة، دون أي شروط سلامة. وهناك تكديس لمختلف السموم الكيميائية في غياب تام لشروط السلامة، بل إن هناك مواد أخرى خارجة عن السيطرة في المجمع الكيميائي، فآلاف الأطنان من الأمونيتر تُفقد أحياناً”.
وتساءل بقوله: “ماذا لو كان انفجار بيروت اليوم في قابس؟ طبعاً لن تبقى نخلة شامخة ولا مبنى قائم ولا حتى بشر يتنفس. وسيصبح الكل في خبر كان، كيف لا والوحدات الاستيطانية بقابس تشكل قنبلة نووية تضم عشرات المواد الكيميائية وصولاً لقاعدة خزن ونقل الغاز بالجنوب، لو انفجرت ستكون قابس وأهلها من الذكريات. فاعتبروا”.
وتسببت حادثة انفجار مرفأ بيروت بمقتل 100 شخص وجرح 4 آلاف حتى الآن، وتقول السلطات اللبنانية إن الحادثة نتجت عن انفجار 2700 طن من مادة نتيترات الأمونيوم، كانت مخزنة في أحد المستودعات داخل المرفأ، لكنها لم تكشف حتى الآن عن كيفية حدوث هذا الانفجار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق